فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة الليل:
{وَالنَّهَارِ إِذَا تجلى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى}
قال: {وَالنَّهَارِ إِذَا تجلى} {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى} فهذه الواو واو عطف عطف بها على الواو التي في القسم الأول.
وقال بعضهم {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى} فجعل القسم بالخلق كأنه أقسم بما خلق ثم فسره وجلعه بدلا من {ما}. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الليل:
4- {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} أي إن عملكم لمختلف.
7- {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى} أي للعود إلى العمل الصالح.
{وَكَذَّبَ بالحسنى} أي بالجنة والثواب.
11- {تردى} في النار، أي سقط.
ويقال: (تريّ): تفعّل، من (الرّدي) وهو: الهلاك. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة الليل:
5 {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى}: أي: حق اللّه، {واتقى}: محارمه.
6 {بالحسنى}: بالجنّة.
7 {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى}: نهيّئه، يسّرت الغنم: تهيأت للولادة.
11 {تردى}: مات فوقع في قبره، فالموت من الرّدى والوقوع في القبر من التردي.
15 {لا يَصْلاها} أبو أمامة: لا يبقى أحد من هذه الأمّة إلّا أدخله اللّه الجنّة إلّا من شرد على اللّه كما يشرد البعير السّوء على أهله، فإن لم تصدقوني فاقرؤوا: {لا يَصْلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كَذَّبَ} بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الليل:
عدد 9 و92.
نزلت بمكة بعد الأعلى.
وهي إحدى وعشرون آية.
وإحدى وسبعون كلمة.
وثلاثمائة وعشرة أحرف.
لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءه بما بدئت به ولا مختومة بما ختمت به ولا مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى مقسما عزّ قسمه: {وَاللَّيْلِ} الذي هو سكن يأوى فيه جلّ الحيوان إلى مأواه.
واعلم أنه لا يقال كيف يقسم اللّه بخلقه وقد نهى رسوله عن الحلف بغيره لأن القسم يكون مما يعظمه المقسم ولا يجوز تعظيم غيره بالحلف لأن القسم بمصنوعاته يستلزم القسم به ولهذا قال بعضهم في القسم حذف مضاف أي ورب الليل، ورب القمر، وهكذا على أن اللّه تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه، وليس لعباده أن يقسموا، الآية، وقد أقسم بحضرة رسوله بقوله: {لَعَمْرُكَ} الآية 72 من سورة الحجر، ليعرف الناس عظمته ومكانته عنده، وهو لا يسأل عما يفعل {إِذا يغشى 1} النهار بظلمته، ويغطي نور الشمس {وَالنَّهارِ} واقسم به لأن جل الحيوان يسعى فيه لطلب رزقه، وإنما قلنا جل الحيوان لأنه يوجد حيوانات وحشرات على خلاف ذلك.

.مطلب في أنواع الخلق:

{وَما خَلَقَ}، ثم ... لغير العاقل، والأولى إجراء الآية على عمومها.
وخص بعض المفسرين {الذَّكَرَ والأنثى} بآدم وحواء عليهما السلام، وقال: إنما أقسم بهما لأنهما ابتداء خلقه، وإذا كان أقسم بالشمس والضحى وغيرهما، فلأن يقسم بأول أنبيائه أولى، لانهما أفضل من الجميع وهو كذلك، لكن ما جرينا عليه أولى لأن الآية لم تقيد أو تخصص.
وجدير بأن تبقى على إطلاقها وعمومها.
واعلم أن أنواع الخلق من البشر أربعة: من غير أب وأم وهو آدم، ومن أب بلا أم حواء، ومن أم بلا أب عيسى، ومن أم وأب سائر البشر، وغير البشر أنواع.
راجع تفسير الآية 45 من سورة النور، وجواب القسم {إِنَّ سَعْيَكُمْ} أيها الناس في هذه الدنيا وعملكم فيها {لشتى 4} مختلف متفرق متباين، وهي جمع شتيت، وأتى بلفظ الجمع باعتبار ضمير سعيكم، والمعنى أن منكم من يسعى لخلاص نفسه، ومنكم من يسعى لهلاكها، ومنكم من يجمع بين الأمرين.
روى أبو مالك الأشعري أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «كل الناس يغدو فبائع نفسهف معتقها أو موبقها».
ثم بين ما يؤول اليه ذلك الاختلاف بقوله جل قوله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى} ماله في سبيل اللّه وصلة الرحم والنفقة في طريق الخير {واتقى 5} ربه فيما أنعم به عليه، واجتنب ما حرم عليه وفعل ما أمر به {وَصَدَّقَ بالحسنى 6} كلمة التوحيد، وأيقن أن اللّه يخلف له ما أنفقه في طاعته، وانه يثيبه عليه في الآخرة، وآمن بما وعد به المتقين في الجنة المعبر عنها بالحسنى في الآية 26 من سورة يونس، وقيل: إن الحسنى هي ملة الإسلام وهو كذلك إلا أنها غير مراده هنا واللّه أعلم {فَسَنُيَسِّرُهُ} في الدنيا {لليسرى 7} الخلال الطيبة والأفعال الحسنة ونسهل له كل ما نرضاه له من أعمال وأقوال توصله إلى الجنة {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ} بماله فكنزه ومنع الفقراء من حقهم فيه ولم يصرف جوارحه لما خلقت لها في الدنيا {واستغنى 8} عما قدره اللّه من الثواب المخصص للمتقين في سبيله وخصّ ماله للشهوات وأنفقه فيما لا يرضي ربه {وَكَذَّبَ بالحسنى 9} بكلمة التوحيد والخلف بالوعد والجنة وما وعد اللّه المتقين فيها لأجله {فَسَنُيَسِّرُهُ} بالدنيا التي آثرها على الآخرة {للعسرى 10} الخلال الخبيثة والأنكال المذمومة والأحوال السيئة والأعمال القبيحة من كل ما يغضب الرب من الخصال المؤدية إلى النار التي لا أعسر من عذابها.
روى البخاري ومسلم عن علي رضي اللّه عنه قال: «كنا في جنازة في بقيع الفرقد، فأتانا رسول اللّه فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة (عصى رفيعة في رأسها مثل الهلال) فنكس وجعل ينكت (يضرب الأرض) بمخصرته ثم قال: ما منكم أحد إلّا قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة».
زاد مسلم (1): «إلا وقد كتبت شقية أو سعيدة»وفي روايته بدل «أحد» «نفس».
فقالوا يا رسول اللّه: «أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسّر لما خلق له أمامن كان من أهل السعادة فيعد لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فيعدّ لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى} إلى {لليسرى}».
وفي هذا دليل أهل السنة في القدر وصحة قولهم فيه وان التوفيق والخذلان والسعادة والشقاوة بيد اللّه يسرها لمن يشاء من عباده ووجوب العمل للمرء بما سبق له في الأزل ويستدل على الإنسان من أي الفريقين هو بعمله، فإذا عمل عمل أهل السعادة من البرّ والتقوى فهو من أهل الجنة أزلا، وان عمل عمل أهل الشقاوة من الشر والعصيان فهو من أهل النار، وعمل كل دليل عليه.

.مطلب قوة إيمان بلال:

نزلت هذه الآية في أبي بكر رضي اللّه عنه لما اشترى بلال بن رياح بن حمامة من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه لأنه كان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية يعذبه فيبطحه بالشمس إذا حميت على ظهره ثم يضع الصخرة الحامية العظيمة على صدره ويقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، فيقول وهو في تلك الحالة: أحد أحد، بالتخفيف أي اللّه واحد، وبالتشديد أي لا تشرك مع اللّه أحدا.
فمر به أبو بكر يوما وهم يصنعون به ذلك فقال لأمية ألا تتقي اللّه في هذا المسكين، قال: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، فقال: عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى وهو على دينك أعطيكه، قال: قد فعلت، فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالا وأعتقه وأعتق ست رقاب معه.
أما ما قيل: إنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري الذي اشترى النخلة فلا يصح لأن حادثه النخلة في المدينة، وهذه السورة مكية والحادثة في مكة.
فانظر رعاك اللّه إلى إيمان هذا العبد كيف كان في بداية الإسلام.
ولعمري لو عذب الآن بعض الناس بالضرب لكفر هلعا، ولو أرشي بأوقية لتنصر طمعا، ولا حول ولا قوة إلا باللّه.
قال تعالى: {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ} أي أمية بن خلف الذي فعل ما فعل في بلال بقصد تكفيره {إِذا تردى 21} بأكفانه وطرح في قبره، ثم هوى وسقط في نار جهنم فهل يغنى عنه في الآخرة ماله وولده وهل يحول دون هلاكه فيها؟ كلا لا شيء ينجيه من ذلك {إِنَّ عَلَيْنا} نحن إله الكل {للهدى 12} فتبين طريقه من طريق الضلال، وعلى العبد سلوك أيهما شاء {وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ} فنثيب من اهتدى {والأولى 13} لنا أيضا نيسر لخيرها من أراد هدانا فكلاهما في تصرفنا كما نشاء.
فمن طلبهما من غيرنا آب بالخسران وأخطأ الطريق السوي، ولا يضرنا ترككم الاهتداء له لأن مضرته عليكم، ثم التفت جل شأنه من الاخبار إلى الخطاب فقال: {فَأَنْذَرْتُكُمْ} يا أهل مكة ويا أمة محمد {ناراً تلظى 14} بتاء واحدة.
وقرأ بعضهم بتاءين أي {تتلظى} وتتوقد وتتلهب وتتوهج أجارنا اللّه منها {لا يَصْلاها} يحرق بها {إِلَّا الأشقى 15} الكافر المتوغل بالكفر والشقاء {الَّذِي كَذَّبَ} الرسل ومجد الآلهة {وتولى 16} عن الإيمان مصرا على كفره {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى 17} المبالغ في تقواه المتقى الكفر ودواعيه المشرّب بالإيمان ومراميه {الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ} للمساكين طلبا لما عند اللّه من الثواب في الآخرة {يتزكى 18} يطهر نفسه من دون الكفر فيلقى اللّه تعالى طاهرا من شوائبه، خاليا من الرياء والسمعة.
قال أبو عبيدة: {الأشقى} بمعنى الشقي وهو الكافر، و{الأتقى} بمعنى التقي وهو المؤمن، لأنه لا يختص بالصّلي أشقى الأشقياء، ولا يختصّ بالنجاة أتقى الأتقياء، ولا يقال إنه أراد نارا مخصوصة بـ: {الأشقى}، لأن هذه النار نفسها هي التي يجنبها {الأتقى} فلأن يجنب غيرها من باب أولى.
{وَما لِأحد عِنْدَهُ} أي أبي بكر لأن هذه السورة نزلت في حقه وفي بطل أمية، والذي يؤيد نزولها، ما رواه سعيد بن المسيب قال: بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له: أتبيعه، قال بفسطاس، عبد لأبي بكر وكان صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي.
وكان مشركا، وقد حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه، فلما قال له أمية:
أتبيعه بغلامك فسطاس، اغتنمه أبو بكر وباعه، فقال المشركون: ما فعل ذلك إلا ليد كانت له عنده فأنزل اللّه هذه الآية تكذيبا لهم بقوله: ليس لأحد عند أبي بكر {نِعْمَةٍ تجزى 19}.

.مطلب في أبي بكر رضي اللّه عنه وأمية غضب اللّه عليه:

وقد أجمع المفسرون على عود الضمير لأبي بكر، وان ليس لفسطاس ولا لبلال ولا لغيرهما عنده نعمة سابقة يكافئه عليها بالإعتاق، وان السياق والسباق يؤيده لذلك فإن من قال أن الضمير في عنده يعود إلى اللّه أراد أنه ينعم على عبده تفضلا منه، وهو كذلك.
إلا أنه بعيد عن المغزى مخطئ المرمى، لما فيه من نفي التخصيص بأبي بكر وجعل الآية عامة في المؤمن والكافر، لأن نعمة اللّه غير مقصورة على أحد ولكنها على المؤمن نعمة حالا ومآلا، وعلى الكافر في الدنيا فقط لأنها نقمة عليه في الآخرة استيفاء لما يقع من الخير على يده كي يلقى اللّه ولا حسنة له.
وليعلم انه ما فعل أبو بكر ما فعله من الاعتاق {إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى 20} أي طلب مرضاته لا غير {وَلَسَوْفَ يرضى 21} في الآخرة من عطاء ربه بالكرامة والجنة ونعيمها كما طلب هو مرضاة ربه في الدنيا بالإنفاق من ماله واعتاق عبيده واللام في ولسوف جواب القسم المضمر وتقديره واللّه لسوف يرضى رضاء ما فوقه رضاء، ويجوز أن يعود ضمير يرضى إلى اللّه ويكون المعنى ولسوف يرضى عنه ربه وهو أبلغ لأن رضاء اللّه عن عبده أكمل للعبد من رضاه على ربه، وما جرينا عليه يحتمل المعنيين.
هذا، واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة والليل:
مكية.
جواب القسم {إن سعيكم لشتى} وهو تام.
{لليسرى} كاف وكذا {للعسرى} وقال أبو عمرو في الثانية تام وقيل كاف.
{إذا تردى} تام.
و{الأولى} كاف وقال أبو عمرو تام.
{تلظى} جائز.
و{تولى} تام وكذا {الأعلى} وآخر السورة. اهـ.